المواجهة الصعبة .. ؟؟

المواجهة الصعبة .. ؟؟


نَزَلَ مِنَ السَّيَّارة متوجها إلى مكان عمله .. نزلتْ هي أيضا تسيرُ خَلفَهُ .. راودته الظنون
- " أنا لمْ أَرَمنها إلا أدباً ساميًا .. وحياءً متناهيًا "
لازال يسألُ نفسَهُ لماذا تسيرُخلفه؟ .. دخل الشركة .. قال :
- " اللهم أَدخِلني مُدْخَلَ صِدقٍ وأَخْرِجْنِيِمُخْرَجَ صِدقٍ واجعل لي من لَدُنْكَ سُلطانا نصيرا"
دخلتْ خلفه .. ازدادعجبا .. احترامه لها يمنعه أن يسألها .. دخل إلى مكتبه .. أحضر أدواتَهُ .. دخل إلى القاعة التي يقوم بالتدريب فيها .. كان أولَ يومٍ وكانت هذه أول مجموعة وكانت المفاجأة وجدها جالسة بين المتدربين ..اصفر وجهُهُ .. اضطرب .. تردد ..أراد أنيخرج .. كان يقدم رجلا ويؤخر الأخرى .. ماذا يفعل .. نظر إليه الجميع فيتعجب .. جعله يتمالك نفسه .. ولكن قلبه ما زال ينبض .. تنفس نفسا عميقاحبسه لفترة ثم أخرجه .. قال :
- " السلام عليكم "
جلس أمام جهازه .. عَرَّفَ نفسه للمتدربين .. بدأ بالتعرف على المتدربين .. تفاجأ ..في القاعة شاب وخطيبَتَه وقد تشابهَتْ أسماؤهما مع اسمِهِ واسمِهَا .. تَبَسَّمَ في حزن .. كان يَغْبَطُهُمَا .. أطرق هُنَيْهَةً .. لازال حُلمُ الزفافِ يجول بِخَاطِرِه .. كان يَعْلمُ أن ذلك ضَرْبٌ من الأوهام .. كثيرا ما كان يقول لنفسه : لماذا تأخَّرْتُ في طلب خِطْبَتِهَا ؟ .. لماذا هي وافَقَتْ عليه ؟.. اِنْتَبَهَ على صوتٍ يطرقُ البابَ .. شخص يستأذن في الدخول .. أَدْخَلَهُ .. جلس الشاب بجانبها .. أنه خطيبها يحضر التدريب معهم .. اجتمع الثلاثة في مكان واحد..المحب ،المحبوبة وخطيبها .. ولكنه اليوم أعلى منزلة .. فهو الأستاذ وهم الطلاب .. أحس بنشوة الانتصار .. تدارك نفسه بالاستغفار من أن ينحط تفكيره لهذا الحد ..تَبَسَّم َفي تعجب من جَرْي الأقدار .. قام بتهنِئَتِهِما .. وصَلَتْهُ على بريده الإلكتروني رسالة من أستاذ له قد انقطع عنه لفترة .. كان يحب التراسل بين أصدقائه .. دائما ما تَصِلُهُ في وقت مناسب.. كان يقول رسالةً واحدةً أَحَبُّ إليَّ من كلام ساعة .. قرأالرسالة كان نَصُّها :
” قِمَّةُ العظمةِ أن تبتسم وفي عَيْنَيْكَ ألفُ دمعةٍ،وقمة الصبر أن تسكت وفي قلبك جُرْحٌ يتكلم، وقمة الوفاء أن تتذكر من أسدى لك معروفا في زمن النُّكران، وقمة القمم أن تَتْرُك شيئا للهِ فيُعَوِّضُك اللهُ خيرا منه ”
انشرح صدره لهذه الرسالة .. قال :
- صدق رسول الله ” ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ”
اِبْتَسَمَ ابتسامةً لم يستطع إخفاءها وقد غمرته السعادة .. لَفَتَ انتباهه صمتُ وحياءُ فتاةٍ تجلسُ في الجانب .. أعْجَبَهُ هِنْدَامُهَا وقد أسدلتْ خِمَارَها وأرسلت بنظرها إلى الأرض فلا تكاد تتبين ملامحها .. تَذَكَّرَ بَيْتَ شِعْرٍ لِلشنفرة الأزدي :

لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي لاسَقُوْطَاً قِنَاعُهَا إِذَا مَا مَشَتْ ولا بِذَاتِ تَلَفُّتِ
كَأَنَّ لَهَا فيالأرْضِ نِسْيَاً تَقُصُّهُ عَلَى أَمِّهَا وإنْ تُكَلِّمْكَ تَبْلَتِ

(تَبْلَتِ : قليلة الكلام)

تَوَجَّهَ إليها بسؤال نظرتْ إليه .
" يا الله!! ماهذا الجمال الذي يكسوه الحياء ويَشِعُّ منه النور !"
تلك التي دائما كان يحلم بها .. عجبا لأمر الله .. نظر إلى يديها .. راودَتْهُ أفكارُ الخِطْبَةِ .. راجع بياناتها .. اسمها يتكون من حرفين يتساوى مع حروف اسمه .. لقبها نفس لقبه .. ما هذاالتجانس العجيب ؟! .. وفي نهاية المحاضرة خرج المتدربون .. هذه المرة جاءته الجَرأَة .. قرر أن يصارحها ..أوقفها قال لها :
- لحظة ؟
أمسكتْ بيد إحدى زميلاتها .. وللقدر كانت الحبيبة الأولى .. تلعثم ، لم يستطع الكلام .. لم يَدْرِماذا يقول .. اعتذر وغادر الشركة عائدا إلى بيته .. صورتهما لا تفارق خياله .. يقارن بين هذه وتلك ..موقف صعب وضع نفسه فيه .. ندم على الجُرْأَةِ .. قرر أن يخْطِبَ التي أعجبته بعد أن ضاعت التي أحبها .. وقد تهيأت له هذه المرة مُقَوِّمَات الزواج .. وفي الطريق سمع الأذان ردده ودخل المسجد لأداء الصلاة وبعدها صلى صلاة الاستخارة وترك الأمر للهِ .